تاريخ و حضارة مدينة مكناس العاصمة الإسماعيلية
ان مدينة مكناس من أعرق مدن المملكة المغربية، و بصمت على عدة محطات تاريخية، و تعاقب على حكمها عدة دول و حضارات، خلفت مجموعة من المعالم و المآثر التاريخية التي لاتزال الى اليوم شاهدة على عظمة صانعيها، و صفحات تاريخها العريق يعد جزءا مهما من التاريخ المجيد للمغرب.
تاريخ و حضارة مدينة مكناس |
تأسيس مدينة مكناس و تاريخها القديم و الحديث
تأسيسها
تأسست مدينة مكناس خلال القرن الثامن الميلادي، و أصبحت حاضرة مع حكم المرابطين، و قد تطورت و ازدهرت على جميع المستويات في عهد حكمهم، حيث اهتموا بتصميمها و بنائها بمهارة و جمالية و تتجسد من خلال تشييد العديد من المعالم من قبيل مسجد النجارين و السور العظيم المحيط بالمدينة.
فترة حكم الدولة الموحدية
خلال فترة الحكم الموحدي عرفت المدينة تطورا في مجال العمران و تم تحديث مجموعة من البنايات أهمها توسعة المسجد الكبير (1199-1213م)، و ظهور أحياء جديدة كحي الحمام الجديد وحي سيدي أحمد بن خضرة، كما عملوا على تزويد المدينة بالماء، و ساهموا في تنشيط الاقتصاد لا سيما الصناعة الحرفية، و الخزف و التجارة.
فترة حكم الدولة المرينية
في عهد المرينيين عرفت المدينة نزوح و استقرار عدد كبير من المهاجرين القادمين من مناطق الأندلس، و دلك بعد سقوط أهم مراكزهم الدين تم استقبالهم و التعايش معهم و تمكينهم من كل الوسائل الضرورية للاستقرار، و في عهد المرينيين تم بناء العديد من المعالم المهمة، حيث بنى السلطان أبو يوسف يعقوب المريني (1269- 1286م) قصبة خارج المدينة، و التي بقي منها المسجد المعروف في الوقت الحالي ب "لالة عودة"، و اهتموا بالعلوم خصوصا العلوم الشرعية، فقاموا بتشييد مجموعة من المدارس كمدرسة فيلالة العتيقة، والمدرسة البوعنانية، و شيدوا عدة مساجد كمسجد التوتة ومسجد الزرقاء.
التاريخ الحديث لمدينة مكناس العاصمة الإسماعيلية
فترة حكم العلويين
في العهد العلوي، خاصة إبان فترة حكم السلطان المولى إسماعيل أصبحت مدينة مكناس من أهم المدن المغربية و اتخذ منها عاصمة له، حيث أولاها هدا السلطان العلوي بالغ عنايته و شيد بها عدة مؤسسات خصوصا منها دات الطابع الإسلامي، و لاسيما بناء المساجد كمسجد باب البردعيين ومسجد الزيتونة و مسجد سيدي سعيد، كما بنى السلطان المولى إسماعيل "الدار الكبيرة" على أنقاض القصبة المرينية، و اهتم بالمساحات الخضراء فأحدث عدة حدائق كالحديقة "البحراوية" و حديقة " السواني"، ونهج سياسة التخزين فبنى عدة إسطبلات و مخازن للحبوب، وصهريج لتزويد الأحياء بالماء و تخزينه تحسبا للطوارئ، و لحماية المدينة من كل الهجمات المحتملة قام ببناء سور ضخم يحتويها و يحيط بها، و الدي تم تشييده وفق تصميم محكم و هندسة رائعة، و بنى به أبراج خاصة لمراقبة كل أرجاء المدينة، كما أقام به عدة أبواب كبيرة، وأضخمهم و أشهرهم باب المنصور، و إضافة الى كل هدا فقد شيد بها مجموعة من الفنادق خصوصا، من أجل إيواء و استراحة المسافرين و الزوار، و اقتصاديا اهتم بتحسين الاقتصاد و الرواج التجاري، فعمل على تنظيم التجار و الأسواق و مختلف الحرف و الصناعات.
فترة الحماية الفرنسية
عند وقوع المغرب تحت الحماية الفرنسية ابتداء من سنة 1912، بنى بها الفرنسيون المدينة الجديدة على الطراز الأوربي بشوارعها المميزة وعماراتها العصرية وحدائقها و تصاميمها العمرانية المختلفة، و خاصة مرافقها الإدارية والعسكرية والرياضية والثقافية في المكان المشهور بمكناس المسمى "حمرية، و التي كانوا يستغلونها في تسيير شؤونهم و سياساتهم الامبريالية، بهدف نهب و استغلال ثروات المغرب و ضمنها ما تتوفر عليه مدينة مكناس بدورها، و عرفت كباقي مناطق المملكة بروز مجموعة من المجاهدين الدين انضموا الى حركات المقاومة، الدين واجهوا المستعمر بما يتوفرون عليه من عتاد و أسلحة متواضعة مقارنة بما كان يتوفر عليه المحتل، فألحقوا به عدة هزائم، تتم تتويجها في سنة 1956م، من حصول المغرب على استقلاله الكامل.
تطور مدينة مكناس و أهميتها داخل المملكة
بعد الاستقلال شرع المغرب في البناء و الإصلاح بكل مناطقه، و في هدا الخضم تم الاهتمام بإعادة تحديث و عصرنة مدينة مكناس العاصمة الإسماعيلية، و قد موضع عناية من طرف كل ملوك الدولة العلوية ابتداء من المرحومين محمد الخامس و الراحل الحسن الثاني اللدان أشرفا على تهيئة بنياتها التحتية، و انشاء عدة مؤسسات و تحديث أخرى، و اطلاق مشاريع كبرى، ساهمت في تنميتها المحلية على كل المستويات، و بقيت تحظى بنفس الأهمية من قبل الملك محمد السادس، الدي سار على درب أسلافه المنعمين، فاهتم بتطويرها و ايلائها الأهمية التي تستحقها، لتصبح مدينة مكناس من أفضل المدن المغربية و العربية و الافريقية بل و العالمية.
خلاصة
عموما تعد مدينة مكناس من أهم المدن التاريخية، و بفضل ما تتوفر عليه من معالم سياحية و مآثر تاريخية، و كدا المؤهلات و الإمكانات الأخرى المختلفة كالطرق و المواصلات و الفنادق و المنتجعات و المركبات السياحية و المطاعم و المساحات الخضراء ......، جعل منها قبلة مفضلة للعديد من السياح، و كدلك المؤرخين و المهتمين بالتاريخ و الحضارة، و رغم ما تبدله السلطات المختلفة سواء على المستوى الوطني أو المحلي في سبيل النهوض بتنميتها و ما حققته في هدا الميدان، فانه يجب الاستمرار في العناية بها لتكون في صدارة المدن المتطورة وطنيا و دوليا.