زيري بن عطية مؤسس وجدة كان كابوسا للمنصور
شهد تاريخ المغرب تعاقب دول و حضارات عريقة و شخصيات و سلاطين و أمراء عظماء أقوياء، بصموا على أحداث تاريخية مهمة، و ساهموا في استمرار الدولة المغربية مند عدة قرون مضت، و في هدا المقال سنحاول تسليط الضوء على احدى هده الشخصيات التاريخية البارزة و هو "زيري بن عطية" مؤسس مدينة وجدة، فمن هو ؟ و ما هي أهم الأحداث و الإنجازات التي قام بها داخل المغرب.
زيري بن عطية مؤسس وجدة كان كابوسا للمنصور |
نبدة عن القائد زيري بن عطية
هو القائد زيري بن عطية ابن عبد الله بن محمد خزر، من أصول زناتة المغرواية، و بزغ نجمه عند مغادرة الفاطميون نحو مصر، و كان من أشد المعارضين لحكمهم، كما أن حضر الى المغرب "الأقصى" مع حشد من آله و عشيرته و مجموعة من التابعين له، تفاديا لانتقام الفاطميين لهم، و بعدها تمكن من السيطرة على فاس عام 377 هجرية و اتخدها مقرا لملكه.
زيارة قرطبة و استيلاء اليفرني على فاس
لقد قام زيري بن عطية بزيارة المنصور أبي عامر والي الأندلس، و قد استقبله استقبالا كبيرا فخما، و اقترح عليه توليته الوزارة تحت اشرافه وسلطته، رفض و لم يتقبل الأمر و لم يستسغه، حيث يروى أن أحدا خاطبه بلقب وزير فرد عليه زيري بن عطية قائلا "أصلحك الله أنا أمير و لست وزير"، و في غيابه هدا هاجم اليفرني ايدو ابن يعلى فاس و استولى عليها، ليعود و يجمع جيشا كبيرا ثم دخل في حرب ضروس معه، انتهت بهزيمة اليفرني و القضاء عليه و كان دلك في عام 383 هجربة.
بناء مدينة وجدة
بعد أن داع سيته و قضى على كل الثوار و الخارجين عن الصف و المعارضين و قطاع الطرق، و أصبح يضرب له ألف حساب من قبل الملوك و الزعماء، توجه الى سهول أنجاد و هناك قام ببناء مدينة وجدة وكان دلك في عام 384 هجرية، ثم استقر بها هو و أل بيته و عشيرته و التابعين له من الزناتيين الأمازيغ، و جلب اليها كل ما يملكه من مال و عتاد و سلاح، و جعل منها حصنا و نقطة انطلاق لحملاته في المغرب الأوسط و الأقصى.
الحرب بين زيري بن عطية و المنصور بن عامر
استمرت علاقة زيري بن عطية مع المنصور الى غاية حوالي سنة 386 هجرية، علما أنه رفض الوزارة، و كان يتهم المنصور بالحجر على الخليفة هشام المؤيد و سلب منه سلطته، لدلك انتهت بأزمة و قطيعة بينهما، فقرر المنصور الانتقام من زيري، و لدلك قام بتجهيز جيش عين على رأسه كاتبه الخاص، و أمره بالتحرك الى المغرب الأقصى لتأديب زيري بن عطية، غير أنه لم يتمكن من الوصول الى مبتغاه و استعصى عليه الأمر، حينها أعلن المنصور براءته منه و قطع عنه راتبه كوزير، ثم جهز جيشا آخر و كلف غلامه الوفي " واضح الفتى" بقيادته، و كانت بداية تحركه نحو المغرب في أواخر سنة 387 هجرية، و في بداية سنة 388 هجرية اشتد الصراع بين زيري بن عطية و هدا الغلام و دارت بينهما حرب دامت مدة طويلة و انتهت بهزيمة جيش الأندلس، و بعدها فر واضح الفتى الى مدينة طنجة و أرسل الى المنصور طالبا العون، و بعد دلك حضر القائد المظفر ابن عبد الملك ابن المنصور معززا بجيش دعم، و أمام هدا الأمر وجه زيري بن عطية الى كل القبائل في زناتة طلب المساندة و التأييد فاستجابوا لهم و التحق به عدد كبير من المقاتلين من عدة مناطق كملوية و سجلماسة و تلمسان ...، و خلال شهر شوال من عام 388 هجرية تحرك بجيشه نحو طنجة، فدارت حرب ضروس بينهما بوادي منى بضواحي طنجة، و تمت إشاعة خبر وفاة القائد زيري بن عطية بن جحافل جيوشه، فأدى دلك الى التأثير عليهم كثيرا و ساهم في هزيمتهم، و بعدها فر زيري بن عطية مع أتباعه الى مدينة فاس.
القضاء على الزيريين في المغرب الأوسط
بعد انهزامه أمام جيش المنصور، و بعد مدة تمكن زيري بن عطية من استجماع قواه و عافيته، و عمل على تكوين جيش كبير من قبائل زناتة، لكنه لم يتوجه به للانتقام من المنصور و طرده من المغرب الأقصى، حيث توجد للقضاء على الصنهاجيين الزيريين الدين اختلفوا حول خلافتهم من قبل باديس ابن المنصور، و فعلا فانه وصل و فرض حصارا على تيرت، و لم يستطع واليها المسمى "يطوفت بن زيري" مجابهة زيري بن عطية، فأرسل لطلب العون من باديس، و فلبى هدا الأخير الطلب و ارسل اليه جيشا و عتادا لمساندته، و كان دلك خلال عام 389 هجرية، فدارت حربا شرسة بينهم بالمكان المعروف باسم "امسار"، و في نهايتها استسلم جيش صنهاجة و انتصر زيري بن عطية و استولى على الأرض و العتاد و أسر العديد من الجنود الدين أطلقهم فيما بعد، ثم توغل في عدة مناطق أخرى كانت تحت سيطرة الصنهاجيون و قام بتحريرها و تطهيرها.
وفاة الزعيم زيري بن عطية
معلوم أنه القائد زيري بن عطية قد تعرض لجروح غائرة أثناء معركته الضروس التي قادها ضد جيش المنصور العامري، و بقي يتفاقم مرضه مند عام المعركة الشهيرة 388 هجرية، الى أن وافته المنية في عام 391 هجرية، ليتنفس باديس ابن المنصور و من معه الصعداء بعد موت هدا الأمير الزناتي القوي الدي كان يشكل لهم كابوسا مزعجا طيلة سنوات حياته.