كناوة من أهم الألوان الموسيقية التراثية البديعة في المغرب
يُعتبر مهرجان كناوة وموسيقى العالم في الصويرة واحدًا من أبرز الفعاليات الثقافية والفنية في المغرب، حيث يهدف إلى إبراز التراث الموسيقي العريق لفن كناوة، وإيجاد مساحة للتفاعل بين الموسيقى التقليدية والأنماط العالمية، و دلك منذ انطلاقه عام 1998، حيث استطاع المهرجان أن يكون جسرًا للحوار الثقافي، يلتقي فيه الفنانون المحليون والدوليون لتقديم عروض موسيقية تمزج بين أصالة فن موسيقى و رقصات كناوة و إيقاعات العالم، و في هذه المقالة، نستعرض تاريخ المهرجان، أصول فن كناوة، دور الصويرة ومنطقة الشياظمة في الحفاظ على هذا الإرث، وأبرز فعاليات المهرجان.
![]() |
موسيقى كناوة بمهرجان الصويرة |
ما هو مهرجان كناوة في الصويرة؟
نبذة عن المهرجان
انطلق مهرجان كناوة وموسيقى العالم في مدينة الصويرة عام 1998 بمبادرة من مجموعة من المهتمين بالتراث الموسيقي المغربي، بهدف تسليط الضوء على فن كناوة وتعزيزه عالميًا، و يُقام المهرجان سنويًا في شهر يونيو، حيث يجمع عشاق الموسيقى التقليدية والعالمية في أجواء احتفالية مميزة.
أهمية المهرجان
الحفاظ على التراث: يسعى المهرجان إلى توثيق وحماية موسيقى كناوة عبر تقديمها للجمهور الواسع وإبراز قيمتها الثقافية.فن كناوة: أصوله وتاريخه العريق
الجذور التاريخية لموسيقى كناوة
يعود أصل موسيقى كناوة إلى تقاليد روحية وموسيقية جلبها المهاجرون دو البشرة السمراء القادمون من إفريقيا جنوب الصحراء إلى المغرب، فامتزجت هذه التقاليد بالموروث الثقافي الأمازيغي المغربي العربي، لتُنتج فنًا موسيقيًا فريدًا يحمل تأثيرات إفريقية عميقة، و عرفت تطورا مهما على مر العصور، الى أن أصبح فن كناوة جزءًا لا يتجزأ من الطقوس الصوفية والاحتفالات الشعبية في المغرب المرتبطة بالثقافة و الحضارة المغربية الأصيلة.المكونات الموسيقية لفن كناوة
موسيقى كناوة تعتمد على مجموعة من الأدوات الموسيقية الفريدة، التي تلعب دورًا أساسيًا في تشكيل هويتها وإيصال طابعها الروحي والإيقاعي:- الكمبري: يُعرف أيضًا باسم "الهجهوج"، وهو آلة وترية تُشبه العود، مصنوعة من خشب خفيف مع صندوق صوتي مغطى بجلد الماعز، و تُستخدم هذه الآلة لعزف الألحان الأساسية، حيث يضبط "المعلم" الإيقاع الرئيسي للأداء الموسيقي، فيعمل الكمبري على إنتاج نغمات عميقة ومتماوجة تُضفي طابعًا روحانيًا على العروض الموسيقية، ويعتبر العزف عليه مهارة تُنقل من جيل إلى آخر.
- القراقب: هي عبارة عن صنوج معدنية تُصدر إيقاعات رتيبة تُميز موسيقى كناوة، تتكون من زوجين من الصفائح المعدنية المثبتة معًا، والتي تُصدر أصواتًا إيقاعية قوية عند التصفيق بها، و تُستخدم القراقب لتعزيز الإيقاع وإضفاء طابع احتفالي نابض بالحياة، وغالبًا ما يلعب العازفون عليها دورًا تفاعليًا مع الجمهور، مما يزيد من أجواء الحماس والانغماس في الموسيقى.
- الطبل: يُستخدم لتعزيز الإيقاع وإضفاء عمق صوتي على العروض الموسيقية، و يتم العزف عليه باستخدام عصي خشبية أو الأيدي مباشرة، مما يساعد في ضبط إيقاع الأداء العام للمعزوفة، كما يتميز الطبل بقوته الإيقاعية، حيث يعمل على توجيه الطاقة الموسيقية وإعطاء العروض ديناميكية تتماشى مع الطقوس والرقصات المصاحبة.
كل من هذه الأدوات الموسيقية لها دور محدد في تحقيق التوازن الصوتي والروحاني لموسيقى كناوة، حيث يمتزج العزف والغناء مع الحركات الإيقاعية ليخلق تجربة موسيقية فريدة لا مثيل لها.
البعد الروحي لموسيقى كناوة
تُعتبر موسيقى كناوة أحد الأنماط الموسيقية التي ترتبط بشكل وثيق بالعوالم الروحية والتصوف في الثقافة المغربية، فهي ليست مجرد أداة للترفيه، بل تمثل وسيلة للتواصل مع عالم الروحانيات من خلال إيقاعاتها وأدواتها التقليدية مثل القراقب، الكنبري، الطبل، و الزي الموحد التقليدي و الفريد و ألوانه الزاهية كما يظهر دلك أيضا في قصات الشعر و غير دلك مما ينفرد به هدا اللون الموسيقي الروحاني، و يتم استخدام موسيقى كناوة بشكل رئيسي في طقوس "الليلة"، وهي جلسات روحية تعقد غالبًا في الليل، حيث يتجمع المريدون والمجتمع المحلي للانغماس في حالة من الهدوء الروحي والذاتي.تهدف هذه الطقوس إلى تحقيق التوازن النفسي والروحي للأفراد المشاركين، وهي غالبًا ما تتضمن مزيجاً من أغاني روحانية عميقة و التي تؤدي إلى حالة من السكون الداخلي، كما يعتقد العديد من ممارسي هذه الطقوس أن موسيقى كناوة قادرة على فتح أبواب الاتصال مع العوالم الروحية، حيث يعتقدون أن الأرواح أو "الأجسام الروحية" يمكن أن تتجسد خلال هذه اللحظات، مما يساعد على التخلص من الطاقات السلبية والشفاء النفسي والعاطفي.
الصويرة والشياظمة: الحاضنة الروحية لفن كناوة
الصويرة: العاصمة الروحية لفن كناوة
تُعد مدينة الصويرة، الواقعة على الساحل الأطلسي، مركزًا أساسيًا لفن كناوة، حيث شهدت تطوره واحتضنته في زواياها الصوفية وأسواقها الشعبية و تخلده في كل المناسبات و صار لونا خاصا بها، و تاريخيا فقد لعب موقع الصويرة كميناء تاريخي دورًا في استقبال التأثيرات الموسيقية المختلفة، مما جعلها بيئة مثالية لنمو هذا الفن عبر العصور.الشياظمة: مهد الطقوس الصوفية
تُعرف منطقة الشياظمة المجاورة للصويرة بكونها موطنًا لعدد من الطرق الصوفية والطقوس الروحية، حيث لعبت دورًا هامًا في الحفاظ على موسيقى كناوة ونقلها عبر الأجيال. العديد من "المعلمين" الكناويين ينحدرون من هذه المنطقة، وهم مسؤولون عن تعليم الأجيال الجديدة وإبقاء التقاليد حية.فعاليات مهرجان كناوة: ماذا ينتظرك؟
العروض الموسيقية الحية
يشهد المهرجان مجموعة من العروض التي تُقام في ساحات ومعالم الصويرة، أبرزها:- ساحة مولاي الحسن: تستضيف العروض الرئيسية التي تجمع بين المعلمين الكناويين وفنانين عالميين في حفلات كناوية مثيرة تتخللها مقطوعات روحانية جميلة و تزينها الرقصات الخاصة بهدا الفن البديع.
- برج باب مراكش: فضاء مخصص للعروض التجريبية التي تمزج بين التقليدي والحديث، حيث فيها يتم تقديم لوحات فنية موسيقية رائعة تسحر الحاضرين.
- ساحة الشاطئ: منصة مفتوحة في الهواء الطلق تُقدم حفلات موسيقية على خلفية المنظر الساحلي للصويرة، و هي من الأمكنة التي يتردد عليها العديد من الزوار بحكم جمالية المنظر و اللوحات الموسيقية الجميلة التي يتم عرضها هناك.
الندوات وورش العمل
بالإضافة إلى العروض الموسيقية، يُنظم المهرجان العديد من الفعاليات الثقافية، منها:- منتدى حقوق الإنسان: يناقش القضايا الاجتماعية والثقافية من منظور فني وموسيقي.
- ورشة تعليمية: توفر فرصة لتعلم العزف على آلات كناوة والتعرف على تقنيات آلات موسيقية تقليدية بما في دلك العزف و اللحن الكناوي الجميل.
الأجواء الاحتفالية في المدينة
خلال فترة المهرجان، تتحول الصويرة إلى مسرح مفتوح ينبض بالحياة، حيث تتزين أزقتها بعروض الشارع، الأسواق التقليدية، والمعارض الفنية، كما تتاح للزوار خلال فترة انعقاد المهرجان فرصة اكتشاف التراث المحلي من خلال الحرف التقليدية والمنتجات المصنوعة يدويًا، و كدا زيارة أهم الوجهات السياحية بالمدينة و تدوق الأطباق و الأكلات الشعبية المحلية.الخلاصة
يُعد مهرجان كناوة في الصويرة حدثًا ثقافيًا عالميًا يساهم في إبراز التراث المغربي، ويجمع بين الموسيقى التقليدية والإيقاعات العالمية في تناغم فريد، و دلك بفضل تنوعه الفني وروحه الصوفية، كما يُعتبر المهرجان فرصة لاكتشاف جوانب مختلفة من الثقافة المغربية والانغماس في أجواء روحانية وإبداعية مميزة، خصوصا أن المدينة المحتضنة للمهرجان تعد من أجمل المدن السياحية المغربية و لاسيما خلال فترة الصيف.
هل سبق لك حضور مهرجان كناوة؟ شارك تجربتك في التعليقات!